نشاطات ثقافية

حوارات

أصدارات ثقافية

    نص مسرحي (رسائل من غزة) تأليف / محمد صخي العتابي

    نص مسرحي: رسائل من غزة
    ((حين تتكلم غزة يصمت التاريخ احتراماً)) المؤلف
    الشخصيات:
    الراوي : يعلق على الأحداث ويخاطب الجمهور
    آدم :شاب من غزة في العشرينيات
    ليلى :أخته الكبرى، معلمة
    ساعي البريد:رجل مسن
    الطفل:في السادسة من العمر ذكي
    أصوات: تسمع دون ظهور شخصيات
    بيئـــة العرض:
    (ضوء خافت،غرفة مدمرة بنصف جدار، في منتصف المسرح طاولة خشبية محروقة وجهاز راديو مكسور ..أصوات صفارات أنذار بعيدة متقطعة
    ،يدخل الراوي يحمل شمعة مشتعلـة)
    الراوي: (ينظر للجمهور) في غزة، الرسائل لا تصل بالبريد... الرسائل هناك تكتب على الحجارة... على أنقاض البيوت... على جبين الأطفال النائمين دون أحلام.
    (صمت قصير... ضوء خافت على آدم الجالس إلى الطاولة يكتب)
    آدم: (بصوت مسموع وهو يكتب) أختي ليلى، البحر ما زال هنا، لكن رائحته صارت كالحديد كلما حاولت أن أرسم وجه أمي على الرمال... جاء الموج وحمله بعيدًا... لم أعد أميز بين الدموع وماء المطر.
    (صوت انفجار بعيد... ليلى تدخل من الجانب الآخر، تحمل كتاباً محروقاً)
    ليلى: (بهدوء) آدم... لماذا تكتب رسائل لا تصل؟
    آدم: (يبتسم بمرارة) لأن الصمت أكبر عدو لنا يا ليلى.
    ليلى: (تلوح بالكتاب) وهذا؟ من يقرأ كتبنا حين يسقط السقف علينا؟
    آدم: (ينهض) سنقرأها نحن حين نعيد بناء الجدران من التراب حين نكتب أسماءنا على الريح.
    (يدخل ساعي البريد ببطء... يحمل حقيبة فارغة عيناه مغطاتان بضمادات)
    ساعي البريد: (يخاطب الجمهور) كنت أحمل الرسائل يوماً... رسائل حب. رسائل فرح. رسائل موت أيضاً... حتى فقأت الحرب عيني... ولم يعد لي من وظيفة إلا أن أبحث عن الرسائل تحت الركام (يخرج ساعي البريد ببطء... آدم يتبعه بعينيه ثم يعود للطاولة)
    آدم :(يكتب) ليلى... رأيت الليلة طائرة ترسم دائرة فوق رؤوسنا ظننتها تكتب شيئاً في السماء لكنها كانت تحفر قبراً في الهواء(تعلو أصوات خفية، بكاء، ضحك، أصوات أطفال تنشد)
    ليلى: (تجلس قربه) اكتب، آدم... اكتب حتى لو ضاعت الكلمات ربما تصل رسالة واحدة إلى يد لم نعرفها بعد... يد تزرع لنا وردة بدلاً من قذيفة.
    (يبدأ الراديو المكسور بإصدار طنين خفيف)
    ليلى:(بابتسامة دامعة) ربما... ربما تكون رسالة.
    (ضوء خافت... الراوي يعود إلى منتصف المسرح)
    الراوي: لا تنسوا... في غزة، الرسائل لا تحتاج إلى طوابع... إنها ترسل عبر الدموع... وتقرأ بالقلوب.
    (يظل الراوي واقفًا، لكن الضوء ينقسم ليضيء زاوية جديدة من الخشبة. هناك حفرة صغيرة، تتصاعد منها أدخنة خفيفة... صوت مجرفة تحفر في الصمت. يخرج طفل صغير من بين الركام)
    الطفل: (ينظر حوله، يحمل علبة معدنية) وجدت كنزًا، يا عمي ساعي البريد (يفتح العلبة، يخرج منها ورقة محترقة، صورة ممزقة، وزر قميص)
    ساعي البريد: (يعود، يتلمس طريقه بالعصا، يقترب من الطفل) هذا... أكثر من كنز (ينحني ويأخذ الورقة بلطف) هل تسمح أن أقرأها لك؟
    الطفل:(يهز رأسه، يهمس) اقرأ لي شيئًا... لم يكتب بعد.
    (صمت... الراوي يتقدم ببطء، يرفع يده وكأنه يوقف الزمن)
    الراوي:(للجمهور) هكذا تكتب الرسائل في غزة... على زر قطع من قميص الطفل في الليلة الأخيرة... على ورقة احترقت قبل أن تكتب... على صورة نزعت من قلب أم لا تزال تنتظر.
    (الضوء يعود إلى ليلى وآدم... آدم ينهض، يحمل دفتره نحو الجمهور، يمزق إحدى الصفحات ببطء، ويرفعها كمن يرفع راية)
    آدم:(بصوت يرتجف) إلى من يأتي بعدنا... نحن هنا. نزرع بين الحطام أغنية، ونكتب على كل جدار اسمًا لا يمحى. نحن، الذين لا نرى في الأخبار، نحيا رغم كل شيء، نحيا.
    ليلى:(تأخذ الورقة، تطويها، ثم تدفنها في حفرة صغيرة بجانب الطفل) هذه رسالتنا، يا صغيري... ازرعها، وستنبت حكاية.
    ساعي البريد: (بهدوء) وربما ستصل.
    (يبدأ الراديو بإصدار صوت أوضح، كأنه لحن ... تنبعث من الزاوية أصوات أكثر وضوحًا ... مزيج من تراتيل، صوت أم تنادي، صوت طفل يضحك)
    الراوي: (للجمهور، نبرة حزينة) عندما تقصف البيوت، تبدأ الرسائل في الهجرة... تتسلل من شقوق الجدران، تطير فوق الحواجز، وتحط في قلب كل من ينصت.
    (إضاءة خافتة. الجميع يتجمد لحظة، كأن الزمن توقف. ثم ظلمة كاملة، تتبعها همسة واحدة، من الأصوات مجتمعة)
    الأصوات: (بهمس جماعي) ...هل وصلتك رسالتنا؟
    (إضاءة خافتة تعود تدريجيًا. لكن شيئًا تغير...الجدار المهدم الآن عليه رسومات بالطباشير بيت، شجرة، وأناس يبتسمون. على الأرض شمعة واحدة مشتعلة.
    الراوي:(يتقدم نحو مقدمة المسرح، يقف فوق الطاولة المكسورة، ينظر للجمهور) من قال إن الجدران لا تتكلم؟ ها هي تتلو صلاة، بلغة الأطفال الذين لم يتعلموا الكتابة... وترسم أحلامًا أكبر من الحصار.
    (ليلى تقترب من الحائط، تمسح الغبار عن رسم قلب كبير)
    ليلى:(بهدوء) من علق هذا القلب هنا؟
    الطفل: (من خلفها، مبتسمًا) أنا... لأن أمي قالت لي: إذا خفت، ارسم قلبًا... سيعرف من يراك أنك إنسان.
    (آدم يجلس مجددًا، يكتب على صفحة جديدة. هذه المرة صوته أقوى)
    آدم : ليلى، اليوم رسمنا شجرة على الجدار المهدوم، قال الطفل إنها ستثمر خبزًا، وقال ساعي البريد إنها تثمر رسائل، أما أنا، فقلت: لعلها تثمر حياة.
    ساعي البريد: (يتقدم نحو مقدمة المسرح، لا تزال عينه مغطاة، لكنه يبتسم) لقد وجدت رسالة اليوم، مدفونة تحت خوذة جندي... لم تكن 
    مكتوبة بالحبر بل بنظرة أم لم تر أبنها يعود( لحظة صمت ثم يهمس) سأسلمها... حتى لو لم يكن أحد في الانتظار.
    (الراوي ينزل من على الطاولة، يخلع معطفه ويضعه على الشمعة، لا ليطفئها، بل ليحرسها)
    الراوي: (بصوت حاسم) في غزة، لا نحتاج إلى الجدار الرابع... لأن كل جدار رابع سقط فعلًا. أنتم... أنتم الجدار الخامس، أنتم البريد، أنتم شهود الرسائل التي لم تقرأ.
     (الطفل ببطء، يحمل العلبة المعدنية الفارغة، لكنه يغني لحناً بسيطاً. يغنيه وحده أولاً... ثم تنضم إليه ليلى، ثم آدم، ثم الراوي وساعي البريد. الأغنية بلا كلمات، فقط نغمة تتصاعد، كما لو أنها تتحدى الصمت)
    (الضوء يصير دافئًا فجأة. كأن الشمس خرجت للحظة، رغم كل شيء)
    الأصوات: (من كل الجهات، في انسجام مع الغناء) ...وصلتنا رسالتكم.
    (بعد لحظة سكون تام، يسمع صوت أذان بعيد، كأنه يأتي من ركام مسجد منهار. يظل صوته معلقًا في الهواء، رقيقًا كخيط دخان)
    الراوي: (يستدير ببطء نحو الصوت، ثم إلى الجمهور) الأذان... ليس دعوة للصلاة فقط. في غزة، هو أيضًا إعلان: أننا ما زلنا هنا. نعد الوقت رغم انقطاع الكهرباء. ننهض رغم اختفاء الأرصفة.
    (آدم ينحني قليلا يلتقط ورقة من الأرض يقرأها بصوت مرتجف) أبحثو عني في المقابر ...ستجدونني (يصمت لحظة):كأن المقابر دليل عناويننا الجديد (يتقدم نحو الجدار يضع، يضع أذنه عليه كأنه يسمع شيئاً):الجدار يتنفس...بل، لا... إنه يبكي...كل حجر هنا كان أماً ذات يوم، ثم صار شاهداً ثم صار قنبلة تنسى بعد الانفجار(ينظر إلى الجمهور):هل تعرفون غزة؟ ليست مدينة، بل ذاكرة. طفلة نائمة في حضن القصف،وأم تبحث عن ابنها في التراب،
    ورجل يحمل حقيبة فيها صورة وخبز يابس...(يسحب قطعة قماش حمراء من تحت الأنقاض، يلوح بها كعلم): هذا علمي...لكنه صار كفنا صغيرا...(صوت انفجار بعيد الضوء يهتز، الظلام يغمر المكان تدريجياً): حين تكبرون...ابحثوا عني في المقابر،ستجدونني...
    ليلى: (تتقدم إليه، تضع يدها على كتفه) لن تموت الكلمات، يا آدم. فقد ولِدت من النار، وشربت من دموعنا. إن سكتنا، تخوننا. وإن قلناها... تخلدنا.
    (الطفل يركض إلى منتصف المسرح، ممسكا بعلبة الراديو المكسور، يلوح بها عالياً)
    الطفل: (بفرح، كمن اكتشف سرًا) اسمعوا الراديو تحدث... قال: أنتم لستم وحدكم.
    (تعلو نغمة الراديو ... همهمة موسيقية خافتة، أشبه بنبض قلب. ثم تتحول إلى أصوات أطفال من أماكن مختلفة من العالم، بلغات متعددة، تقول: نسمعكم)
    ساعي البريد: (بصوت مرتجف، مندهش) لقد وصلت رسالة من الخارج... رسالة بلا عنوان. لكنها مكتوبة من نور.
    (ينحني، يلتقط شيئًا غير مرئي من الأرض، ويسلمه إلى الطفل)
    ساعي البريد: (بحنان) أنت ساعي البريد الآن.
    (الطفل يأخذها، ثم ينظر إلى الجمهور)
    الطفل (بجرأة لا تناسب سنه) من منكم سيكتب الرد؟
    (إضاءة كاملة على المسرح، تبين كل التفاصيل... الجدار بنقوشه، الطاولة، الشمعة، العيون المتعبة لكنها صامدة. الشخصيات كلها تلتفت نحو الجمهور)
    الراوي:(يفتح ذراعيه) من على هذه الخشبة الصغيرة، نرسل إليكم آخر رسائل غزة... لكنها لن تكون الأخيرة، ما دمتم أنتم من يستقبلها.
    (تبدأ الشخصيات بالاقتراب من حافة المسرح، أقرب ما يمكن للجمهور، وجوههم مكشوفة، صامتة، لكنها تتكلم بالنظر)
    (صوت قلب ينبض. مرة. مرتين. ثم...)
    الأصوات: (بهمس نهائي) ...هل ستكتبون إلينا؟
    (صمت ثقيل. ثم، فجأة، يظهر على الجدار رسم جديد ... يد تمسك بيد أخرى، من الجهتين... واحدة صغيرة، وأخرى كبيرة. فوقها كلمة واحدة مرسومة بخط الطفل: ردوا)
    (آدم يخطو إلى الأمام، يمزق الصفحة الأخيرة من دفتره، ويرميها نحو الجمهور. الصفحة تطير ببطء، كأنها طائر ورقي)
    آدم: (بصوت هادئ وواثق) ألقينا رسائلنا إليكم... لا نطلب شفقتكم، بل مشاركتكم في الحكاية.
    (ليلى تفتح الكتاب المحروق، تنزع منه ورقة سوداء، وتكتب عليها بالطباشير الأبيض. ترفعها... كلمة واحدة، واضحة)
    ليلى: اشهدوا.
    ساعي البريد: (يخرج من حقيبته الفارغة. مرايا صغيرة، يوزعها على الشخصيات واحدة تلو الأخرى)
    ساعي البريد: (للجمهور) أحيانا، الرسالة الوحيدة التي نقدر أن نرسلها... هي صورتكم في مرآتنا.
    (الشخصيات ترفع المرايا نحو الجمهور... انعكاسات الضوء تتناثر على الوجوه، على الجدران)
    الراوي: (يعلن خاتمة بلا نهاية) من غزة، إليكم: لسنا أبطالاً من ورق، ولا ضحايا عابرين. نحن الحبر، والورقة، والصرخة، واليد التي لا تزال تكتب رغم الارتجاف.
    (الراديو يصدر آخر همسة... نغمة لحن الطفولة. نفس النغمة التي غناها الطفل. يعود الطفل ليهمس بها، وحده)
    الطفل: (بهمس) عندي رسالة أخيرة... لكنني لن أكتبها. سأحفظها حتى تكبروا أنتم، وتأتوا لتسمعوها بأنفسكم.
    الأصوات: (من كل الاتجاهات) ...ننتظر الرد.
    الراوي: (بهدوء،يفتح ذراعيه) من على هذه الخشبة المهدمة، من بين الرماد والصمت والحنين، نسألكم أن لا تكونوا متفرجين. أن لا تكتفوا بالبكاء في صمت... أو التصفيق في نهاية العرض. بل أن تكتبوا معنا... تردوا على رسائلنا.
    ليلى: (تخطو خطوة للأمام، تحمل دفتر آدم وتفتحه) هذه الصفحات ليست مسرحاً فقط... إنها بيوت مهدمة، قلوب تبحث عن صوت، أحلام تتعلق بخيط ضوء قادم من بعيد.
    آدم: (ينظر إلى الجمهور، بصوت أقوى من ذي قبل) اكتبوا عنا... لا لأجلنا فقط، بل لأن الحقيقة، إن لم ترو، تموت. وإن ماتت، ماتت الإنسانية معها.
    ساعي البريد: (يبتسم، ثم يخلع الضمادات عن عينيه، ببطء، لتظهر عيناه المغلقتان) أنا أرى الآن أكثر من ذي قبل... أرى الوجوه التي سمعتنا، وأراها تمسك أقلامها، لا سلاحها.
    الطفل: (يتقدم نحو حافة الخشبة، يمد العلبة الفارغة أمامه، كأنها ميكروفون صغير) اكتبوا... احكوا عني، عن أبي، عن أمي، عن أخي الذي اختفى خلف دخان دبابة، وعن جدتي التي ما زالت تنتظر عودته في فنجان قهوة لا يبرد.
    الأصوات: (تبدأ كهمسات، ثم تشتد تدريجيًا) اكتبوا... اكتبوا... اكتبوا...
    الراوي: (يرفع صوته، نبرة شعرية) في غزة، لا ينتهي المشهد حين يطفأ الضوء، ولا تغلق القصة حين يسدل الستار. لأنها تكمل حياتها في أعين من صدق، وفي يد من قرر أن يرد على الرسالة... لا أن يحتفظ بها.

    (ضوء خافت من شمعة تتراقص. الطفل يقف في منتصف المسرح ممسكا بعلبة طباشير. ليلى تجلس على الأرض ترسم دائرة صغيرة. آدم يراقب الباب كمن ينتظر شيئًا أو أحدًا لا يأتي)

    آدم: (بصوت حزين) كان المفترض أن تصل الرسالة. أن ينكسر جدار، أن يظهر طائر يرفرف بحروفنا النازفة...

    ليلى: (ترفع رأسها، تنظر إلى الطفل) لكن الرسائل لا تطير، كلما أطلقنا أمنية، ابتلعها صاروخ أو قناص أو خوف.

    (صوت رعد خفيف من الخارج. الطفل ينهض ببطء، يتقدم نحو الجمهور، يحمل قطعة طباشير بيضاء)

    الطفل: (ببراءة) هل تسمعونني؟ أنا لا أكتب لأبكي، ولا لأطلب صدقة من الرحمة. أنا فقط أكتب كي أعيش. كي تظل الحكاية. كي لا ننسى.

    (يبدأ برسم دائرة على الأرض بالطباشير. ثم دائرة داخلها. ثم أخرى. يصمت. يرفع رأسه)

    الطفل كل دائرة هي قبر. كل قبر هو بيت. وكل بيت... كل بيت كان لنا.

    (يضع قطعة الطباشير على الأرض. يسير نحو الجمهور ببطء، يحمل في يده ورقة قديمة مطوية)

    آدم: (يصرخ) لا تتركنا! قل لهم إننا لم نمت، قل لهم إن التراب ما زال يتنفس.

    ليلى: (بصوت خافت يكاد لا يسمع) قل لهم إننا كنا نحب الحياة...

    (الطفل يقف في مقدمة المسرح، يواجه الجمهور. يفتح الورقة، لكن لا يقرأ. ينظر فقط. ضوء خافت عليه. يرفع الورقة إلى الأعلى ببطء وكأنه 

    (يقدمها للسماء... يسمع همس جماعي من أصوات الأطفال .. غير مرئية .. تقول): نحن هنا... لا تنسونا...

    (الضوء يخفت... الستار يغلق ببطء. الموسيقى تتلاشى كأنها تختبئ في الجدران)

                                                   ((صمـــت))

    ملاحظــة: ((لايجوز أخراج هذا النص أو الأقتباس منه أو أعداده دون موافقة المؤلف)) 

                 محمد صخي العتابي

    mohammed.alatabi@gmail.com  


    نص مسرحي (صرخة في الظلام) تأليف/ محمد صخي العتابي

    مسرحية (المخدرات طريق الهلاك) تأليف/ محمد صخي العتابي

    مسرحية: (المخدرات طريق الهلاك)
    تأليف/ محمد صخي العتابي

    ملاحظــة: ((لايجوز أخراج هذا النص أو الأقتباس منه أو أعداده دون موافقة المؤلف)) 
                                                   الفكرة العامة:
    تدور المسرحية حول صراع داخلي ونفسي يعيشه الشاب حيث يواجه إغراء المخدرات والهروب من الواقع لكنه يدرك أن الحل ليس في التخدير بل في المواجهة.. يتجسد صراعه مع  مُروج المخدرات والرجل الذي يمثل ماضيه بينما يواجه الشبح الذي يرمز إلى خوفه الدفين.. في النهاية.. يختار الشاب الحياة ليصبح هو نفسه النور الذي قد ينقذ آخرين ممن يمرون بنفس التجربة النص يعكس فلسفة أن الحياة مليئة بالاختبارات وأن النهوض بعد السقوط هو ما يصنع الفارق كما يؤكد أن من يتعافى من الأدمان أو اليأس يمكن أن يصبح أملًا لغيره ويساعد من لا يزالون عالقين في الظلام...
    الشخصيات:
    الرجل: يرتدي بدلة قديمة ويحمل ساعة جيب تتحرك عقاربها للخلف.
    الشبح: شخصية غامضة يظهر كخيال على الجدران ولا يتحدث إلا من خلال أصوات غير مفهومة.
    مُروج المخدرات: رجل ذو وجه نصفه مبتسم والنصف الآخر باكٍ يحمل حقيبة صغيرة مليئة بأشياء غريبة.
    الشاب: يرتدي قميصاً ممزقاً يبدو عليه الأرهاق والضياع.
    الصوت: لا يرى ولكنه يفرض وجوده بقوة.
    المرأة: ترتدي ملابس بالية ويبدو عليها الضياع.
    فتاة صغيرة: تحمل حقيبة مدرسية.
    مجموعة: من الشباب والشابات مختلف الأعمار
    بيئة العرض:
    (ضوء خافت يكشف غرفة بلا جدران واضحة في وسطها كرسي خشبي مكسور وبجواره مرآة متشققة... ضوء يسلط على رجل يقف في وسط المسرح ويحمل ساعة الجيب...في الخلفية شاشة كبيرة مكتوب عليها: الانتصار على المخدرات ليس مستحيلاً إنه يبدأ بخطوة ويستمر بالإرادة... أختر الحياة فهي تستحق)
    الرجل: (يحدق في الجمهور)
    الزمن؟ ما الزمن؟ هل هو ما يمضي أم ما يبقى؟
    (يفتح ساعة جيبه.. عقاربها تتحرك للخلف)
    ها هو يعود… كل شيء يعود... إلا هم (يصمت.. ثم ينظر إلى الشبح الذي يظهر على الحائط)
    الشبح: (بصوت غير مفهوم لكنه يحمل طابع التهديد)
    الرجل: (يجيبه وكأنه يفهمه)
    أعرف... أعرف... هي لعنة.. لعنة لا تفنى.
    (يدخل مُروج المخدرات.. يترنح يحمل حقيبة ثقيلة.. يفتحها ويخرج منها قناعاً ضاحكاً)
    المُروج: (بصوت متقلب بين البكاء والضحك)
    هل تريد السعادة؟ السعادة سهلة.. إنها في هذه الحقيبة.
    الرجل: (يسخر) السعادة؟ أم الفناء؟
    المُروج: (يقترب من الرجل)
    ما الفرق؟ السعادة والفناء وجهان لعملة واحدة.
    (يدخل الشاب ، ينظر إلى مُروج المخدرات بتردد)
    الشاب : أنا... أنا أحتاج شيئاً... أي شيء.
    المُروج: (بصوت مرح)
    بالطبع.. لدي كل شيء (يخرج من حقيبته مسحوقاً أبيض)
    الرجل: (يصرخ)
    لا... لا تلمسه.
    الشاب: (بتردد)
    ولكن... أريد أن أهرب... من هذا الفراغ.
    الصوت:الهروب ليس نجاة.. الهروب سقوط في القاع.
    المُروج: (يضحك بجنون)
    اسكت أيها الصوت لا أحد يريد الحقيقة.
    الشاب: (يمد يده نحو المسحوق)
    لكن... ماذا لو كانت السعادة هنا؟
    الرجل: (يمسك بيده)
    السعادة ليست مادة.. السعادة قرار.
    الشبح: (بصوت مرعب ومفهوم)
    من يدخل.. لا يخرج.
    الشاب: (يرتجف)
    لكن... ماذا أفعل؟
    الرجل : اختر... اختر الحياة أو اختر الفناء.
    (يصمت الجميع.. ثم يسقط الضوء على الشاب فقط .. بينما يختفي الجميع تدريجياً)
    الصوت : الاختيار طريقك.
    الشاب: (يتحدث إلى انعكاسه في المرآة)
    من أنت؟ هل أنت أنا؟ أم أنك ظلي؟ لماذا تبدو متعبًا أكثر مني؟
    (يظهر الرجل من خلف المرآة.. كأنه خرج منها)
    الرجل: أنا هنا فقط لأنك سمحت لي بالبقاء نحن... نحن نتكرر.
    الشاب:(بغضب)لم أسمح لك بشيء.. لم أسمح لأحد بشيء.
    الرجل: (يضحك بسخرية)
    هذا ما تظنه... لكنك سمحت لكل شيء بالدخول... الألم، الفراغ، والهروب.
    (تبدأ المرآة بالتشقق أكثر.. يظهر من خلالها مُروج المخدرات وهو يبتسم في يده صندوق صغير)
    المُروج: أنت هنا مجددا؟ ألم أقل إن السعادة ليست سوى لمسة؟
    الشاب: (ينهض)
    لم أعد أبحث عن السعادة... أريد الخلاص.
    المُروج: (يضحك بصوت متقطع)
    الخلاص؟ الخلاص حلم بائس.. خذ هذا وستنسى أنك تبحث عن أي شيء.
    (يرمي الصندوق نحو الشاب، لكن الرجل يقفز ويمسك به قبل أن يصل)
    الرجل: لا تدعه يلمسك.. هذا الصندوق ليس خلاصًا إنه القيد الذي لن تفكه أبدا.
    المُروج: (بصوت مرعب) ومن أنت لتقرر عنه؟
    الرجل: أنا ماضيه.. أنا صرخاته التي نسيها.. أنا اللحظة التي انتهت ولم تنتهي.
    (ينهار الشاب على الأرض، ويمسك رأسه بيديه)
    الشاب: (بصوت مخنوق)
    كفى.. كفى.. أريد أن أخرج.
    الصوت: الخروج يبدأ من الداخل.. الكسر يبدأ بالاختيار.
    (تبدأ المرآة بالتلاشي تدريجيا، ويظهر الشبح من جديد ،يمشي ببطء نحو الشاب)
    الشبح: (بصوت ضعيف)
    أنت لن تهرب.. أنا أنت.
    الشاب: (ينهض ببطء، يواجه الشبح)
    إن كنت أنا، فلن أحتاجك بعد الآن.
    (يأخذ الشاب نفسا عميقا، ثم يدير ظهره للشبح الذي يبدأ بالتلاشي تدريجيا ينظر الرجل إلى الشاب بابتسامة)
    الرجل: لقد اخترت.
    (يختفي الرجل ومُروج المخدرات في اللحظة نفسها.. بينما يسود الضوء على الشاب.. يعود الصمت تدريجيا)
    الصوت:الطريق صعب.. لكنك بدأت الخطوة الأولى.
    (تنطفئ الأضواء ببطء ويبدأ الضوء بالكشف عن طريق مليء بالضباب.. يظهر الشاب يسير ببطء وحوله أصوات متداخلة: ضحكات، بكاء، وصراخ بعيد)
    الشاب: (يتحدث لنفسه)
    أين أنا الآن؟ هل خرجت؟ أم أنني ما زلت عالقا؟
    (يظهر الرجل من خلف الضباب يبدو منهكا وعيناه مليئتان بالحزن)
    الرجل: الطريق طويل أيها الشاب.. هذا ليس خروجًا بل بداية اختبارك.
    الشاب: (بتوتر)
    اختبار؟ ألم ينتهي كل شيء؟
    الرجل: لا شيء ينتهي بسهولة.. أنت تحارب نفسك.. ولا شيء أصعب من ذلك.
     (يخرج  مُروج   المخدرات من الضباب لكن مظهره تغير.. وجهه تحول إلى قناع أسود)
    المُروج: أنت هنا مجددًا.. ظننت أنك أقوى.. لكن لا أحد يخرج مني حيًا.
    الشاب: (يتراجع بخطوات مترددة)
    لا… لن أعود.. لن أعود أبدا.
    المُروج: (يضحك ضحكة مدوية)
    أنت لا تفهم.. أنا لست شيئًا تتركه خلفك.. أنا بداخلك.
    الرجل: (يصرخ)
    لا تستمع له.. هو كاذب.
    الشاب: (بصوت مرتجف)
    لكنه محق... أشعر به في أعماقي.. كيف أقتله؟
    المُروج: لا يمكنك قتلي أنا أنت... أنا الخوف، أنا اليأس، أنا الهروب الذي لجأت إليه.
    الرجل :إن كنت هو فهذا يعني أنك تملك القوة للتحكم به.. لا تدعه يسود عليك.
    الشاب: (بصوت أقوى)
    أنا أملك القوة؟
    المُروج: (يصرخ بغضب)
    لا... لا تصدق هذا.. أنا أقوى منك.
    الشاب: (يقف بثبات.. يحدق في مُروج المخدرات)
    إن كنت جزءًا مني فأنا أقرر الآن أن أواجهك.. لن تهزمني.
    (يبدأ مُروج المخدرات بالتلاشي تدريجيًا يصرخ بصوت متقطع حتى يختفي.. يبقى الرجل صامتًا يراقب المشهد)
    الشاب: (يلتقط أنفاسه)
    لقد اختفى...
    الرجل: (بابتسامة حزينة)
    لقد ربحت هذه الجولة.. لكن الحرب لم تنتهي.
    الرجل: (بنظرة مصممة)
    لن أسمح له بالعودة.. سأمضي في طريقي.
    الصوت: (بصوت هادئ ومليء بالأمل)
    الاختيار طريق النور والقوة تبدأ بالإيمان.
    (تنطفئ الأضواء ببطء ، ثم يظهر ضوء هادئ يشبه شروق الشمس.. الشاب يقف في وسط المسرح وحوله أصوات طيور وخرير ماء.. يبدو المكان واحة خضراء لكن مع لمحات غير مكتملة وكأنها بين الواقع والخيال)
    الشاب: (ينظر حوله باندهاش)
    ما هذا المكان؟ هل وصلت؟ أم أنني أحلم؟
    (يظهر الرجل مرة أخرى بملابس نظيفة وجهه مشرق ولم يعد يحمل ساعة الجيب)
    الرجل:إنه ليس حلما.. لكنه ليس نهاية الطريق أيضا.
    الشاب: (بقلق) إذن.. ماذا يكون؟
    الرجل:هذا هو المكان الذي تختبر فيه ذاتك.. واحة النور حيث يظهر داخلك كما هو.
    الشاب:(يتردد) لكنني شعرت أنني تخلصت من كل شيء.. لماذا أنا هنا؟
    الرجل:لأن التخلص من المخاوف لا يكفي.. عليك أن تواجهها مرة أخرى.. لكن هذه المرة بنور داخلك.
    (يظهر الشبح مرة أخرى..يتحرك ببطء باتجاه الشاب)
    الشبح: (بصوت ضعيف)
    لقد عدت... لن أتركك.
    الشاب: (يقف بثبات)
    لست خائفًا منك بعد الآن.
    الشبح:أنا جزء منك.. كل خوف وكل ألم وكل ضعف.
    الشاب:وأنا أملك القوة لأجعلك مجرد ذكرى.
    (يمد الشاب يده باتجاه الشبح.. يبدأ بالتلاشي تدريجيًا مع كل كلمة يقولها)
    الشاب:لست نهايتي. أنا أقوى مما كنت أظن.
    (يختفي الشبح، ويتحول المكان إلى حديقة مليئة بالزهور والأشجار.. يبدأ الرجل بالتصفيق ببطء)
    الرجل:أحسنت، أيها الشاب. الآن أصبحت مستعدا.
    الشاب:مستعدا؟ لماذا؟
    الرجل:للحياة.. الحياة الحقيقية إنها ليست واحة مثل هذه.. لكنها مليئة بالفرص والتحديات.
    الصوت: (بصوت مليء بالهدوء)
    لقد اخترت النور.. اخترت الحياة.
    (موسيقى هادئة.. وتبدأ الأضواء بالخفوت تدريجيًا..
    أصوات سيارات.. صيحات بعيدة،. الشاب يمشي بخطوات مترددة يسمع حوله بدهشة وكأنه عاد إلى العالم الحقيقي)
    الشاب :ها أنا ذا… عدت لكن… هل تغير شيء؟ أم أنني الذي تغيرت؟
    (يظهر الرجل مرة أخرى.. يقف على جانب المسرح.. ينظر إلى الشاب دون أن يتدخل)
    الرجل: (بصوت هادئ)
    العالم لم يتغير لكنك أصبحت تعرف كيف تعيش فيه.
    الشاب: (يتحدث للرجل)
    ولكن كيف أواجه هذا العالم؟ كيف أعيش دون أن أسقط مجددا؟
    الرجل:القوة ليست في عدم السقوط .. بل في النهوض كلما سقطت.
    (تدخل أمرأة في منتصف العمر ترتدي ملابس بالية ويبدو عليه الضياع تسير بتوتر وكأنها تبحث عن شيء خلفها ببعض خطوات فتاة صغيرة تحمل حقيبة مدرسية ثقيلة وتبدو متعبة... تتجه المرأة نحو الشاب)
    المرأة:(بصوت ضعيف)هل لديك شيء… أي شيء؟ أنا أحتاج شيئًا.
    (يتردد الشاب للحظة.. لكنه ينظر إلى الرجل الذي يهز رأسه بالنفي)
    الشاب: (بصوت ثابت)
    ما تحتاجينه ليس عندي.. لكنه بداخلك.
    المرأة: (بغضب)
    لا أحد يفهمني.
    (تغادر المرأة المسرح غاضبة، بينما تقترب الفتاة الصغيرة من الشاب)
    الفتاة:هل أنت بخير يا عم؟
    الشاب: (يبتسم لأول مرة)
    أنا بخير… لأول مرة منذ زمن طويل.
    الصوت:كل لحظة مواجهة مع الحياة هي خطوة نحو الخلاص.
    الشاب: (ينظر نحو السماء)
    هذه ليست النهاية.. بل البداية… بداية جديدة.
    الرجل: (يتلاشى تدريجيًا)
    وداعًا أيها الشاب… الآن لم تعد بحاجة لي.
    الشاب (يهمس) شكرًا.
    الصوت:كل طريق يبدأ بخطوة… وكل حياة تستحق المحاولة.
    (تنطفئ الأضواء تدريجيًا..
    الشاب جالساً على الكرسي .. خلفه دائرة من الضوء تتسع ببطء.. صوت هادئ ينبعث من الفراغ كأنه من داخل ذهنه)
    الصوت: هكل تعتقد أنك وصلت؟
    الشاب : (متأملاً)
    لا..أعرف أن الوصول ليس النهاية.. بل البداية.
    (يبدأ الضوء في الدائرة بالخروج تدريجياً ليشكل وجوهاً لأشخاص مختلفين: شباب، أطفال، كبار في السن. كل وجه يضيء للحظة ثم يتلاشى)
    الصوت :لكنك الآن تحمل رسالة… فما هي؟
    الشاب :رسالتي؟ (يصمت لحظة)
    أن الحياة هي الخيار الحقيقي.. أن الظلام الذي كنت فيه لم يكن سجناً، بل كان انعكاساً لخوفي.
    (يظهر الشبح على طرف المسرح.. يحاول الاقتراب من الشاب.. لكن الشاب يقف بثبات وينظر إليه بابتسامة)
    الشاب:أعرفك الآن... أنت الخوف، أنت اليأس، لكنك لست أنا.
    الشبح: (بصوت ضعيف) سأعود...
    الشاب:قد تعود، لكنني لن أسمح لك بالبقاء.
    (يتلاشى الشبح والدائرة خلف الشاب تصبح كاملة ومضيئة)
    الرجل : (يظهر مرة أخرى)
    لقد أصبحت أنت الرسالة.. كل خطوة تأخذها الآن ليست لك وحدك.. بل لكل من ينتظر أن يرى النور في عينيك.
    الشاب : (بصوت مليء بالثقة)
    لن أكون صامتًا بعد الآن.. سأخبرهم أن الألم ليس نهاية وأن اليأس ليس طريقًا.
    الرجل: (يبتسم ) العالم مليء بالذين يحتاجون سماع كلماتك لا تدعهم يضيعون كما كنت.
    (تتحرك الدائرة المضيئة لتكشف مجموعة من الأشخاص يقفون على أطراف المسرح: شباب وشابات بأعمار مختلفة، جميعهم يرتدون ملابس باهتة، وأعينهم تبحث عن شيء... يتقدم الشاب نحوهم)
    الشاب :كنت هناك… في نفس الظلام الذي تقفون فيه الآن.. أعرف كيف يبدو الأمر.. كيف أن كل شيء يبدو بلا معنى لكنني اخترت الحياة واخترت المقاومة.
    (يتوقف.. يتأمل الوجوه ثم يكمل)
    الشاب:لا شيء سهل.. لكن لا شيء مستحيل.. إذا كنت تسمعني الآن فهذا يعني أنك ما زلت على قيد الحياة وما زالت لديك فرصة لتختار.
    (تتقدم فتاة من المجموعة، تبدو عليها التعب.. تسأله بصوت مرتجف)
    الفتاة :لكن .. كيف نبدأ؟
    الشاب : (يبتسم بلطف)
    بخطوة واحدة فقط خطوة..طلب المساعدة لا تخفافي من السقوط… لأن كل سقوط يعني أنك تحاولين الوقوف.
    (تبدأ الدائرة المضيئة بالتوسع لتغمر الجميع في الضوء.. المجموعة تتقدم تدريجيًا نحو وسط المسرح حيث يقف الشاب... الرجل يراقب من بعيد ويبدأ في التلاشي ببطء)
    الصوت: (بهدوء)
    كل نفس جديد هو بداية جديدة.. اختر الأمل واختر الحياة.
    (تبدأ الإضاءة بالخفوت تدريجيًا لكن صوت خطوات المجموعة يبقى واضحًا وكأنه إشارة إلى الاستمرار في الطريق)
    الرجل : (يظهر للمرة الأخيرة)
    قد أصبحت مستعدًا… لكن هل تعرف لماذا؟
    الشاب : (يبتسم بثقة) لأنني أخترت
    الرجل : (يهز رأسه موافقًا)
    الخيار هو البداية… لكن الاستمرار هو التحدي الحقيقي.
    (تبدأ الدائرة المضيئة خلف الشاب بالتوسع.. ويظهر خلفه مجموعة من الأشخاص: شباب فقدوا الأمل، أطفال تائهون، وكبار في السن يحملون نظرات ندم. يحدق ثم يلتفت إلى الرجل)
    الشاب :وماذا الآن؟
    الرجل:الآن… دورك أن تكون النور لغيرك.
    (يتقدم الشاب نحو الأشخاص الواقفين في الخلف، يمد يده إلى أحد الشباب الذي يبدو شاحبًا ومترددًا ثم يساعده على الوقوف.. الدائرة تضيق حولهما لتصبح كأنها نافذة نحو عالم جديد)
    الصوت:كل من نجا يصبح منقذًا… وكل من اختار الحياة يصبح أملًا لغيره.
    (يأخذ الشاب نفسًا عميقًا، ثم يمشي بثبات خارج الدائرة.. يليه الأشخاص الآخرون بينما الرجل يبتسم ويختفي تدريجيًا. الموسيقى تصبح أكثر تفاؤلًا.. ويضيء المسرح بالكامل)
    الشاب : (ينظر إلى الجمهور)
    القصة ليست عني فقط… إنها عن كل شخص يقف على الحافة.. بين الظلام والنور أنت تختار.. فماذا ستختار؟
    (تتلاشى الأصوات والموسيقى.. ويبقى الضوء ساطعًا للحظات قبل أن تنطفئ الأضواء تدريجيًا)
    الصوت:لا تدع الظلام يخدعك… النور دائماً خيارك.. اختر الحياة وكن الأمل لغيرك.
                                                                أنتهت
    محمد صخي العتابي
    (بغداد 2017)